في عالم يشهد تفاوتًا متزايدًا في توزيع الثروات والفرص تقف المناطق الريفية والهشة على هامش التنمية مثقلةً بالفقر وضعف البنية التحتية وغياب الخدمات الأساسية ومع تعاظم التحديات المرتبطة بالنزوح وتغير المناخ والصراعات تصبح الحاجة إلى مقاربات تنموية أكثر عدالة وشمولاً أمرًا لا يقبل التأجيل هنا يبرز دور الشراكات الاستثمارية كأداة استراتيجية قادرة على إحداث تحول ملموس في هذه المناطق المنسية
أولاً : لماذا التركيز على المناطق الريفية والهشة؟
تمثل المناطق الريفية والهشة بيئات ذات خصوصية مزدوجة
١ - اقتصادية : ضعف في فرص العمل وانخفاض الإنتاجية وغياب رأس المال
٢ - اجتماعية : هشاشة النسيج المجتمعي وضعف تمكين المرأة والشباب
٣ - تنموية : نقص في التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية
لكنها في المقابل تحوي إمكانات كبيرة غير مستغلة
- موارد طبيعية وزراعية
- طاقات شبابية
- أسواق محلية بحاجة للتنشيط
ثانيًا : الشراكات الاستثمارية كرافعة للتغيير
الشراكات بين القطاعين العام والخاص وبين المستثمرين المحليين والدوليين وبين الفاعلين في المجتمع المدني والجهات المانحة قادرة على تجاوز الحواجز التقليدية التي تعيق التنمية في المناطق الريفية والهشة من خلال
١ - توفير التمويل المستدام
غالبًا ما تكون الحكومات عاجزة عن ضخ الموارد الكافية في المناطق المهمشة الشراكات تتيح تعبئة موارد مالية خاصة ودولية وتوجيهها نحو مشاريع إنتاجية وخدمية مستدامة
٢ - تحفيز ريادة الأعمال المحلية
وذلك عبر إنشاء برامج دعم وتمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير التدريب التقني يمكن تحويل أبناء الريف من متلقين للدعم إلى منتجين ومبادرين
٣ - نقل التكنولوجيا وبناء القدرات
من خلال شراكات مع مؤسسات بحثية أو شركات تقنية يمكن تحديث الزراعة والصناعة الريفية وتدريب المجتمعات على المهارات الحديثة
٤ - تعزيز البنية التحتية والخدمات
الاستثمار في الطرق والمياه والطاقة المتجددة والتعليم والصحة يُحدث فرقًا جوهريًا في حياة المجتمعات الريفية والهشة ويشجع على الاستقرار والتنمية طويلة الأمد
ثالثًا : التحديات التي تواجه الشراكات
رغم الإمكانات الكبيرة تواجه الشراكات عدة تحديات في هذه المناطق
- ضعف الإطار القانوني والمؤسساتي
- انعدام الثقة بين المجتمعات الريفية والجهات المستثمرة
- مخاطر سياسية وأمنية
- صعوبة قياس الأثر الحقيقي للتنمية
رابعًا : نحو شراكات فعالة ماهو المطلوب؟
لإحداث الفرق يجب أن تتصف الشراكات الاستثمارية في هذه البيئات بما يلي
= شمولية: إشراك المجتمع المحلي في التخطيط والتنفيذ
= شفافية: وضوح الأهداف والتزامات الأطراف
= استدامة: تحقيق أثر بعيد المدى اقتصاديًا وبيئيًا واجتماعيًا
= عدالة: ضمان توزيع عادل للعوائد وتقليص الفجوات بين الريف والحضر
لما تقدم فإن الاستثمار في المناطق الريفية والهشة لم يعد خيارًا تنمويًا ثانويًا بل ضرورة لتحقيق تنمية عادلة وشاملة والشراكات الاستثمارية إذا ما أُحسن تصميمها وتوجيهها قادرة بالفعل على إحداث الفرق ليس فقط في تحسين مستوى المعيشة بل في إعادة الاعتبار لمجتمعات لطالما كانت على هامش السياسات والخطط
رئيس مؤسسة الماسة للإغاثة والتنمية في سورية
الدكتور محمود فاروق ابراهيم